بالصور..”بيت السناري” تحفة تاريخة على أرض مصر القديمة..بين الماضي والحاضر

كتب- إسلام النجار:

تتعدد البيوت الثقافية والتاريخية، ذات الطابع الأثري، ولكن يظل “بيت السناري”، حالة فريدة من نوعها، لارتباطها بالعديد من الأحداث التاريخية الهامة.. “قصر السناري” أو “قصر الثقافة والعلوم”، أسماء كثيرة تليق بهذا البيت القابع في حارة منج إحدى أحياء السيدة زينب بالقاهرة القديمة، والذي لا يمكن أن يفوتك زيارته لمجرد أن تطأ قدماك أرض المدينة القديمة، وتعلم بما يقدمه هذا البيت من فنون وثقافات متعددة ومختلفة.

فالبيت يحمل الكثير من الحكايات التاريخية، والمفاجآت التي تشغي بأجواء من الرفاهية والفخامة نجحت في وضعه على قائمة أهم البيوت الثقافية والمجامع العلمية ذات طابع أثري، تمتد جذوره نحو عام 1794م، لذلك تم اختياره من قبل مكتبة الإسكندرية ليكون بيت السناري مركزًا للإشعاع الثقافي وبيتاً للثقافة والعلوم والفنون.

جذوره التاريخية:

يمثل بيت السناري أحد أروع أمثلة فنون العمارة السكنية، من دور وقصور الأمراء ورجال الدولة الكبار في العصر العثماني.. فهو يجسد تاريخ القاهرة في فترة تحول جوهرية من تاريخ الدولة المصرية، وهي نهاية العصر العثماني، ومجيء الحملة الفرنسية على مصر، أنشأه إبراهيم كتخدا السناري عام 1794م، وكان بداية ظهوره في مصر بمدينة المنصورة، وترجع أصوله إلى قبائل برابرة دنقلة من السودان، وتعلم القراءة والكتابة، ودرس كتب التنجيم والسحر فذاع صيته كعرّاف يكتب التمائم والتعاويذ، وأظهر ذكاء ونجابة، فاستطاع أن يلفت نظر أمراء المماليك تجاهه، وتنقل بين خدمة أمراء المماليك حتى أصبح إبراهيم السناري كتخدا للأمير مراد بك الكبير ثم نائبًا له وصار واحدًا من أعظم الأعيان.

وعند مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر، تمت مصادرة بيت السناري من قبل الفرنسيين نظرًا لفخامة عمارته، وباعتباره واحدًا من أهم القصور خلال تلك الحقبة التاريخية عام 1798م، وذلك لإسكان أعضاء لجنة العلوم والفنون، التي جاءت ببعثة نابليون العسكرية لعمل دراسة منهجية للبلاد.

وقد خصصته الحملة الفرنسية لإقامة مصوريها، وبعض علمائها من بينهم “ريجو”، الرسام المشهور وبه عملت الأبحاث والرسوم القيمة، التي نشرت في كتاب وصف مصر.

وفي المدة ما بين 1917 و 1926م أقام بالبيت “جلياردوب”، متحفاً باسم “بونابرت”، وأغلق بعد وفاته ثم أخلي سنة 1933م

بيت الثقافة والعلوم والفنون:

للتقرب من “بيت السناري”، أو “قصر السناري”، أو كما تسميه ما شئت، فجميع الألقاب التي عرفت في تاريخ فنون العمارة تليق به، نظرًا لما يتمتع به من مكانة تاريخية وعظمة تراثية، وللوقوف على ما يحدث داخل هذا البيت وما يقدمه من خدمات وأنشطة لعامة الجمهور أو المجتمع، أجرى “توريزم ديلي نيوز”، مقابلة مع إيمان عصام المنسق العام لـ “بيت السناري”.

تحدثت عن أبرز الأنشطة والخدمات التي يقدمها بيت السناري لعامة الجمهور,وقالت  إن بيت السناري يحرص دائمًا على تقديم العديد من الدورات والورش، والندوات والحفلات المتنوعة في الكثير من المجالات المختلفة، منها ما يناسب المرأة والرجل والأطفال والشباب، بالإضافة إلى الأنشطة التي تقدم لكبار السن، ويعتبر البيت يستهدف كل الفئات العمرية من خلال الأنشطة الذي يقدمها، فهناك العديد من الأنشطة والمتنوعة للشباب، منها الصالون للشباب الأدبي، وندوة الجبرتي للدراسات التاريخية، وندوة الوثائق يقدمها باحثون ومؤرحون.

يحتضن “بيت السناري”، أيضاً معارض ثقافية وفنية وحفلات غنائية وموسيقية ودورات تدريبية، في العديد من المجالات المختلفة منها الخط العربي واللغة المصرية القديمة واللغة القبطية، بالإضافة إلى استضافة العديد من الحلقات النقاشية بمجالات عدة، منها العلوم والمعرفة، وذلك بهدف تشجيع الشباب المصري واكتشاف المواهب المتميزة، واستكمالا للدور الذي تقوم به الدولة من الرعاية والاهتمام بالفئات الشبابية.

وكشفت عن نصيب المرأة من الأنشطة أو الخدمات الذي يقدمها البيت وأكدت أن معظم الأنشطة التي يقدمها بيت السناري تستهدف المرأة والرجال معا،ً ولكن هناك بعض الورش التي تختص بالمرأة، منها ورشة “التفصيل”، وأيضا ورشة “التروكو”، و “والكروشيه”، وهذا ما يختص بالمرأة لأنها تحتوي على أشغال يدوية، ولكن متاح للرجال للإشتراك في هذه الورش، والغالبية من الحضور خاص بالسيدات، بالإضافة أيضا إلى أن هناك ورشة مهمة جدًا يقدمها البيت وتستهدف المرأة والرجل معاً مثل ورشة “الجلود”، في هذه الورشة يتعريف على خامة الجلود وأنواعها المختلفة وشرح للتصميمات، وطرق رفع مقاسات وعمل البترونات الخاصة بالمنتجات، توظيفات المجسمات والعلاقات (شنط جلدية، معلقات، أحزمة، محافظ)، وأخيرًا طرق تقفيل وتركيب الإكسسوارات والحصول على منتج نهائي، والذي يمكن من خلالها إنشاء مشروع يختص بهذا المجال.

وعن البرنامج الشهري أو شبه سنوي الذى يسير عليه البيت لتقديم الأنشطة والخدمات للجمهور قالت بالفعل هناك برنامج ربع سنوي يسير عليه البيت، وذلك لتقديم محتوى هادف وخاص لكل الجمهور، مثل الشباب والأطفال والمرأة والرجال وكبار السن، ومن هنا يحرص البيت دائمًا على التجهيز الكامل لجميع الأنشطة والإستعداد لها قبل إنطلاقها، من أجل تقديم محتوى مفيد وهادف لكل الفئات المشاركة، وأود أن أشير هنا إلى أن في بداية بيت السناري كان يقدم العديد من الحفلات المختلفة، منها حفلات للتنورة وحفلات للعود وحفلات تخت شرقي وحفلات لفرقة المولوية المصرية، بالإضافة إلى حفل كان يسمى بحرب المزيكا، جميعها ترجع لأصالة البيت وتاريخه.

وعن جميع الأنشطة والخدمات تقدم داخل البيت أم من الممكن يتم تقديم بعضها في أماكن أخرى؟ وهل هناك تعاون مع مؤسسات أو وزارات داخل هذا الإطار قالت أنه بالتأكيد هناك العديد من الدورات والندوات، تقام في أماكن أخرى مثل المكتبات العامة ودور ثقافية أخرى برعاية بيت السناري، وأشير هنا إلى دورة مجانية مهمة جدًا يقدمها البيت في مجال الثقافة العربية والإسلامية، هذه الدورة غير مقتصر تقديمها في بيت السناري فقط، ولكن من الممكن أن يتم تقديمها من خلال مكتبات عامة داخل وخارج القاهرة، ولكن برعاية بيت السناري، ورعاية قصور الثقافة، وهذه الدورة تستمر لمدة أسبوعين ما بين علوم الحديث والفقه وعلم المقاصد وكذلك الادب.

وعن الشروط التى يتم وضعها ولابد من توافرها في الشخص لكي يشارك في هذه الأنشطة أكدت أنه ليس هناك شروط أو قيود، المشاركة في هذه الأنشطة متاحة للجميع، ولكن تختلف من دورة لأخرى، وبالنسبة للأنشطة المجانية يتم تحديد الفئة العمرية المشاركة، بالإضافة لتحديد الفئة المستفيدة من تلك الدورات، ومثال عليى ذلك دورة الثقافة العربية والاسلامية، تستهدف الفئات الطلابية بالجامعات مثل الآداب والأثار والتاريخ لأنها موضوعات يهتم بيها الدارسين في تلك الكليات، وبالنسبة للدورات مدفوعة الأجر، يقوم الشخص المهتم بالتيسجل في الدورة ويسدد جزء من رسوم الدورة أو كامل الرسوم لحجز مقعد داخل الدورة، وبالنسبة لأسعار الإشتراكات فهي تتراوح من مائة إلى مائتي جنيه لا أكثر، وبالنسبة للدورات فئة المائتي جنيه تكون لمدة شهر مرتين في الأسبوع، ومع ذلك يتم تقديم محتوى جيد لا يتوافر في المراكز الأخرى من خلال المواد المدرسة، وكذلك المدربين علي أعلى مستوى، وذلك للحفاظ علي اسم وسمعة بيت السناري، وهو بالطبع يتبع مؤسسة عريقة وهي مكتبة الإسكندرية.

وفيما يتعلق بالمعوقات التى تقابل المسئولون عن  البيت في تقديم تلك الانشطة وهل هناك أنشطة وخدمات يمكن تقديمها وتنظيمها بشكل أكبر من ذلك قالت : تواجد بيت السناري في مكانه الحالي يعتبر سلاح ذو حدين، فهو بالطبع يخدم عدد كبير من الناس، ولكنه لايتميز بواجهة في ميدان عام حتى يتم الوصول إليه بسهولة، فهو ليس ظاهرًا للعيان وكذلك بعض الناس يخلط بين بيت السناري وبيت السحيمي الذي يتواجد بشارع المعز بمنطقة الحسين، لذلك بيت السناري يحتاج إلى دعم كبير من جميع الجهات التي تهتم بالثقافة في الدولة، حتى يتعرف عليه وعلى خدماته وأنشطته، جميع الفئات العمرية بمختلف المدن والمحافظات، وبالنسبة إذا كان من الممكن أن يقدم أنشطة وفاعليات أكبر من ذلك؛ نعم يستطيع بيت السناري تقديم خدمات وأنشطة بشكل أكبر، ولكنها تحتاج إلى رعاية ودعم مالي كبير لا يستطيع البيت الحصول عليها، وهذا لا يعني أننا نقدم شيء ليس بالأهمية، فجميع الأنشطة الذي يقدمها البيت لها أهمية كبيرة ومفيدة جدًا، قادرة على تغيير حياة الفرد المصري.

وبالطبع نستخدم العديد من الوسائل الترويجية، عندما يكون هناك دورة ذو أهمية كبيرة تستهدف كل فئات المجتمع، نقوم بالترويج لها من خلال الإعلانات الممولة بجميع وسائل التواصل الإجتماعي، وهناك بعض الإعلانات لبعض الأنشطة المهمة قيد التحضير لإرسالها للصحافة، ولكن المشكلة هنا تكمن في قلة الإهتمام بالثقافة في تلك الفترة والثقافة أصبحت مجتمع مغلق علي نفسه، ونحن نحاول بأقصى جهد لتقديم خدماتنا لكل المثقفين والوصول إلى كل الفئات العمرية في مصر لمدهم وغمرهم بكل المعلومات، والثقافات في جميع المجالات.

ولأضافت :أما عن  ميزانية ببيت السناري أو قصر السناري، فهو يتبع مكتبة الإسكندرية، وتعد جهة غير هادفة للربح وبالتالي إذا كان البيت بحاجة لدعم مادي فيتم ذلك من خلا المكتبة، أما بالنسبة لوزارة الثقافة فالبطبع يكون بيننا تعاون، وهذا التعاون يكون مجاني فمثلاً نحن نتعاون بالمكان وهم بالمدربين ودخول الجمهور يكون مجاني في هذا التعاون، ولكن ليس هناك دعم مادي مباشر من قبل وزارة الثقافة أو الآثار خاصة وأن هذا البيت يعد ملكاً لوزارة الآثار.

وكشفت عن الدور الذى يلعبه بيت السناري مع وزارة الآثار في الأنشطة المقدمة للجمهور حيث هناك العديد من الندوات الذي يقدمها بيت السناري بالتعاون مع وزارة الآثار، لرفع كفاءة الموظفين والعاملين بمجال الآثار، بالإضافة إلى العديد من الندوات المختلفة منها في مجال الثقافة العامة وحفلات توقيع الكتب لمؤلفين وكتاب وشعراء، وكان آخر حفلات توقيع الكتب المقامة في البيت توقيع كتاب “وثائق ناصر” لحفيد جمال عبد الناصر

ترميم بيت السناري:

في سياق متصل قال المهندس هيثم مهيب، المسئول عن بيت السناري هندسياً لموقع “توريزم ديلي نيوز”، أن بيت السناري مر بمرحلتين من الترميمات، الأولى كانت في السبعينيات، والثانية كانت سنة 96.

وأضاف المهندس هيثم مهيب، مكتبة الإسكندرية هي صاحبة الإشراف والتمويل لـ “بيت السناري”، ومرحلة الترميم المخطط لها حالياً تتم بالتعاون مع مركز هندسة الآثار بجامعة القاهرة.

وأكد المهندس هيثم مهيب، على أن هناك خطة هندسية للترميم يتم وضعها وفقاً لدراسات خاصة بالترميم الإنشائي والمعماري، بالتعاون مع العديد من الخبراء، وتشمل عدة مراحل منها المعمارية والإنشائية، وطرق بديلة لاستخدام البيت ثقافياً، وفور الانتهاء من وضع خطة الترميم النهائية نتوجه بالبحث عن الدعم المالي لتنفيذ خطة الترميم.

وأشار المهندس هيثم مهيب، إلى أن بيت السناري غير مدرج بقائمة ترميمات المواقع الأثرية والبيوت الثقافية، لدى وزارة الآثار، والتي تنفذها الوزارة بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، خاصة وأن بيت السناري يعد ملكاً لوزارة الآثار.