كتبت – سها ممدوح : واحدة من أقدم وأشهر الحدائق في القاهرة، إنها حديقة الأزبكية التي تم تشييدها في عهد الخديوي إسماعيل لتكون نموذجًا يجسد الجمال الأوروبي في قلب العاصمة المصرية، تحمل الحديقة بين أركانها تاريخًا عريقًا وتفاصيل معمارية مدهشة تجعلها وجهة سياحية وثقافية بارزة.
تأسست حديقة الأزبكية في منتصف القرن التاسع عشر عندما قرر الخديوي إسماعيل تحويل منطقة الأزبكية إلى واحة خضراء مستوحاة من الطراز الأوروبي، استقدم الخديوي إسماعيل مهندسين ومعماريين أوروبيين لتصميم وتنفيذ المشروع، مما أسفر عن إنشاء حديقة تضم أجمل التصاميم والأنماط الأوروبية في ذلك الوقت.
تمتد الحديقة على مساحة واسعة وتضم مجموعة متنوعة من الأشجار والنباتات النادرة، بالإضافة إلى بحيرة صناعية ونوافير مائية وجسور خشبية تزينها، كانت الحديقة في بدايتها ملتقى للطبقة الأرستقراطية ومكانًا لإقامة الحفلات والمناسبات الاجتماعية.
تعود شهرة حديقة الأزبكية إلى عصر المماليك عندما أهدى السلطان قايتباي قطعة أرض لقائد جيوشه سيف الدين أزبك، الذي أقام بها حديقة على مساحة 60 فدانًا وكانت في ذلك الوقت أشهر حدائق القاهرة، عندما تولى الخديوي إسماعيل حكم مصر، أراد أن يجعل القاهرة قطعة من أوروبا بتجديد عماراتها وطرقها، فردم البركة الموجودة بالحديقة وكلف المهندس الفرنسي باريليه ديشان بك، الذي كان مسئولًا عن تصميم حدائق باريس، بتخطيط وإنشاء حديقة الأزبكية وتزويدها بأنواع نادرة من الأشجار جلبت خصيصًا من الخارج، وبعد الانتهاء من تشجيرها وتزيينها، عين الخديو إسماعيل مسيو باريليه الفرنسي ناظرًا لها.
شهدت حديقة الأزبكية العديد من الفعاليات الثقافية والفنية، حيث كانت مسرحًا لعروض يوسف وهبي وحفلات أم كلثوم، مما أضاف إليها بريقًا خاصًا وزاد من شهرتها، كانت الحديقة ملتقى للفنانين والمثقفين ووجهة مفضلة للعائلات والسياح الباحثين عن الاسترخاء والاستمتاع بالطبيعة.
تعكس حديقة الأزبكية رؤية الخديوي إسماعيل الطموحة في تحويل القاهرة إلى مدينة حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وقد حافظت الحديقة على جمالها وأهميتها التاريخية والثقافية حتى اليوم، تمثل حديقة الأزبكية جزءًا من التراث المصري الذي يروي قصة تطور القاهرة وأثر التأثير الأوروبي على معمارها وثقافتها، وما زالت تحتفظ بجاذبيتها وسحرها كواحدة من أبرز المعالم السياحية في العاصمة.
إقرأ أيضاً :
Tourism Daily News أهم أخبار السياحة و السفر