وكالات : تعد مدينة كيش الأثرية، الواقعة في قلب بلاد الرافدين، واحدة من أقدم المدن في التاريخ الإنساني.
وتقع هذه المدينة في محافظة بابل في العراق، وقد ازدهرت خلال العصور السومرية والأكدية، حيث كانت مركزًا حضاريًا مهمًا وموقعًا استراتيجيًا على الطرق التجارية.
مقرًا لأول السلالات المل
وبرزت كيش كواحدة من المدن الرئيسية في فترة السلالات المبكرة (2900-2350 ق.م)، وكانت مقرًا لأول السلالات الملكية بعد الطوفان، حسب الروايات الأسطورية السومرية.
و يعتبر الملك إيتانا، الذي توصفه النصوص القديمة بأنه “الملك الذي وحّد كل الأراضي”، أحد أبرز ملوكها. كما ارتبطت المدينة بأسطورة “الطوفان” التي تُروى في ملحمة جلجامش.
ويقول الدكتور خالد تومان اختصاص التاريخ العراقي القديم’ : تقع مدينة كيش الأثرية في وسط العراق، ضمن محافظة بابل، وهي تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الحلة الحالية، بالقرب من بلدة الإسكندرية.
جغرافيًا، تُعتبر كيش جزءًا من السهل الرسوبي لبلاد الرافدين، وهو منطقة خصبة تقع بين نهري دجلة والفرات اما موقعها فلكيًا، تقع كيش عند الإحداثيات التقريبية: خط العرض: 32.5033° شمالًا و خط الطول: 44.6547° شرقًا
ويؤكد تومان ان الموقع الجغرافي والفلكي لمدينة كيش جعلها ذات أهمية استراتيجية في العصور القديمة، حيث كانت على مقربة من الأنهار التي وفرت المياه اللازمة للزراعة والتجارة. كما ساعد موقعها على أن تكون نقطة التقاء بين الشمال والجنوب، مما جعلها مركزًا تجاريًا ودينيًا رئيسيًا في الحضارة السومرية والأكدية.
واضاف ان البيئة المحيطة بكيش ساهمت في ازدهارها، حيث كانت تقع في منطقة خصبة ضمن شبكة من القنوات المائية التي استُخدمت للري، مما جعلها نموذجًا لحضارة بلاد الرافدين المزدهرة.
من جانبه يقول الدكتور ميثم السويدي ان أولى البعثات التي قامت بالتنقيب في مدينة كيش الأثرية كانت بعثة بريطانية-أمريكية من جامعة أكسفورد البريطانية بالتعاون مع المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو.
وبدأت أعمال التنقيب في كيش في أوائل القرن العشرين، وتحديدًا بين عامي 1923 و1933. وتمت قيادة البعثة من قبل عدد من علماء الآثار البارزين، أبرزهم ستيفن لانغدون (Stephen Langdon)، وهو عالم آثار بريطاني مختص بالحضارة السومرية.
وقد اكتشفت هذه البعثة العديد من المواقع الأثرية المهمة داخل كيش، بما في ذلك المعابد، الزقورات، والمقابر الملكية. كما عُثر على ألواح طينية مكتوبة بالخط المسماري، والتي وفرت معلومات قيمة عن الحياة السياسية والدينية والاقتصادية في المدينة.
وكان لهذه الاكتشافات دور كبير في تسليط الضوء على أهمية كيش كواحدة من المراكز الحضارية الأولى في بلاد الرافدين، وكمدينة لعبت دورًا بارزًا في التاريخ السومري والأكدي.
واضاف السويدي ان حضارة كيش انتهت نتيجة مجموعة من العوامل التي تضافرت مع مرور الزمن، وشملت أسبابًا سياسية وبيئية واجتماعية. منها الحروب والصراعات السياسية حيث تعرضت كيش للغزو من قبل قوى إقليمية منافسة.
و أحد أهم الأحداث التي ساهمت في تراجعها كان صعود إمبراطورية أكد بقيادة سرجون الأكدي في القرن 24 ق.م، الذي وحد بلاد الرافدين تحت حكمه وقلل من نفوذ كيش وكذلك التغيرات البيئية ما أدى إلى تراجع الموارد الطبيعية التي كانت تعتمد عليها المدينة في زراعتها وتجارتها كما يشير الباحثون الى ان تراجع الطرق التجارية مع تطور طرق التجارة وتحولها إلى مدن جديدة، تسبب في فقدان كيش موقعها الاستراتيجي كمحطة رئيسية في شبكات التجارة القديمة، مما أثر على ازدهارها الاقتصادي .
ومن اسباب نهاية حكم كيش تكرار الثورات أو الفوضى الداخلية التي أسهمت في إضعاف استقرار المدينة، مما جعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها أمام الغزوات الخارجية.
ونتيجة لهذه العوامل، تراجعت كيش تدريجيًا حتى أصبحت أطلالًا. ورغم زوالها، فإن إرثها الثقافي ما زال يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ الحضارة السومرية وبلاد الرافدين
إقرأ أيضاً :