كتب – أحمد زكي : لطالما شكل الزمن قيمة أساسية في حياة البشر، حيث بُذلت الجهود منذ الأزل لابتكار أدوات تقيسه وتجعله في متناول الجميع. قبل اختراع ساعة اليد وانتشارها، كان الوصول إلى معرفة الوقت امتيازًا لا يُتاح بسهولة. في بلدة غرينتش بلندن، اشتهرت سيدة تُدعى “غرينتش” كمصدر لمعرفة الوقت مقابل أجر مالي. استمرت هذه المهنة الفريدة، التي ورثتها عن أسرتها المتميزة بصناعة الساعات، حتى عام 1943م، لتبقى ذكرى حية في تاريخ تنظيم الوقت وصناعته.
تقع بلدة غرينتش في لندن، وتشتهر عالميًا بمرصدها الملكي الذي يُعتبر المرجع الأساسي لتوقيت غرينتش (GMT)، النظام الزمني المستخدم كمعيار عالمي. غير أن البلدة تحمل إرثًا آخر مرتبطًا بمهنة كانت لها أهمية كبيرة قبل الثورة الصناعية وانتشار الساعات الشخصية.
في تلك الفترة، برزت شخصية السيدة “غرينتش”، التي اشتهرت ببيع خدمة معرفة الوقت للعامة. كانت هذه السيدة تنتمي لعائلة عريقة في صناعة الساعات، وقد ورثت عنها مهنة تُمثل جسراً بين تقنيات قياس الزمن والحاجة البشرية اليومية إليه. مقابل مبلغ مالي بسيط، كانت السيدة “غرينتش” تتيح للناس النظر إلى ساعتهم، لمعرفة الوقت بدقة.
استمرت هذه المهنة حتى عام 1943م، حين بدأت الساعات الشخصية تصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. ومع ذلك، تُعد هذه القصة شاهدًا على كيف شكلت حاجات الناس البسيطة أعمالًا ذات أهمية في وقتها، وربما ساهمت في تطوير وسائل أكثر سهولة لإتاحة الوقت.
أهمية ارتباط اسم “غرينتش” بالزمن.
تتجاوز أهمية السيدة “غرينتش” كونها شخصية خدمية؛ فقد حملت اسم بلدة غرينتش التي أصبحت رمزًا عالميًا لتنظيم الزمن. كان لعائلتها إسهامات كبيرة في صناعة الساعات، وربما شكلت هذه المهنة مصدر إلهام لتطوير معايير أكثر دقة وابتكارات تقنية في هذا المجال.
تُعتبر قصة السيدة “غرينتش” محطة مثيرة للاهتمام في تاريخ الزمن، حيث تُظهر كيف تحول الزمن من سلعة يمكن “شراؤها” إلى مفهوم متاح للجميع بفضل التقدم التكنولوجي. وتبقى بلدة غرينتش، عبر اسمها وموروثها، شاهدة على تطور الزمن من أداة قياس إلى رمز عالمي يوحد البشرية.
إقرأ أيضاً :