كتب – أحمد زكي : في عالم الفراعنة المليء بالرموز والأساطير، يبرز أنوبيس كأحد أعظم الآلهة في مصر القديمة، حيث عُرف بأنه إله الموتى وحامي المقابر. لم يكن دوره مقتصرًا على الحماية فقط، بل كان المشرف الأول على عملية التحنيط وضمان الانتقال الآمن للأرواح إلى العالم الآخر. ارتبط اسمه بالرمزية العميقة والخوف المقدس، ليصبح أحد أبرز الشخصيات الأسطورية في الحضارة المصرية القديمة.
أصل أنوبيس : تعدد الروايات الأسطورية
تعددت الأساطير حول نسب أنوبيس، حيث اختلفت المصادر القديمة في تحديد هويته الأبوية. وفقًا لنصوص التوابيت التي تعود إلى الفترة الانتقالية الأولى (2181-2055 ق.م)، كان يُعتبر ابن الإلهة حسات ذات رأس البقرة، أو باستيت ذات رأس القط. بينما تشير روايات أخرى إلى أنه ابن رع ونفتيس، الإلهة الشقيقة لإيزيس.
أما المؤرخ اليوناني فلوطرخس (40-120 م)، فقد أشار إلى أن أنوبيس هو الابن غير الشرعي للإلهة نفتيس والإله أوزوريس. بعد ولادته، قامت نفتيس بإخفائه خوفًا من غضب زوجها سيث، ولكن إيزيس اكتشفت الطفل وتبنت رعايته، ليصبح أنوبيس حارسًا مخلصًا لها وحليفًا في مواجهة الشر.
دور أنوبيس في المعتقدات المصرية القديمة
كان أنوبيس يُصوَّر بجسد إنسان ورأس ابن آوى أسود اللون، وهو ما يعكس ارتباطه بالموت والتحنيط. كان المصريون القدماء يرون في ابن آوى حاميًا للمقابر من النهب، لذا ارتبط أنوبيس بحفظ أجساد الموتى وضمان طهارتهم الروحية. كما كان يلقب بـ”وويبواوت” أو “فاتح الطرق”، لدوره في فتح أبواب العالم الآخر للأرواح الطاهرة.
رمزية ودلالة أنوبيس
يُعتبر اللون الأسود الذي يظهر به أنوبيس رمزًا للتجدد والخصوبة، حيث يعكس لون التربة الغنية على ضفاف النيل. كما أن ظهوره برأس ابن آوى يشير إلى قدرته على مواجهة الأخطار وحماية أرواح الموتى، مما جعله محورًا أساسيًا في الطقوس الجنائزية المصرية.
أنوبيس في الثقافة المعاصرة
لا يزال أنوبيس يحتفظ بمكانته البارزة في الثقافة العالمية، حيث يظهر في الأعمال الفنية والأدبية المعاصرة كتجسيد للغموض والقوة. يعكس دوره في الأساطير المصرية القديمة احترام المصريين للموت واعتبارهم الانتقال إلى العالم الآخر حدثًا مقدسًا يتطلب حماية إلهية خاصة.
يبقى أنوبيس أحد الرموز الأيقونية للحضارة المصرية القديمة، حيث يجسد العلاقة الفريدة بين الإنسان والآلهة، وبين الحياة والموت. إن دراسة دوره في الميثولوجيا المصرية تسلط الضوء على الفهم العميق للمصريين القدماء لفكرة الخلود والرحلة الأبدية للأرواح.
إقرأ أيضاً :