سينما الشعب .. مشروع ثقافي يعيد تشكيل الخريطة السياحية والثقافية في قنا

كتب – أحمد زكي : بالتزامن مع انطلاق موسم الإجازات الصيفية، شهد قصر ثقافة نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، حدثًا ثقافيًا طال انتظاره، تمثل في افتتاح مشروع “سينما الشعب” الذي تنفذه الهيئة العامة لقصور الثقافة، في محاولة جادة لإعادة الحياة إلى دور العرض السينمائي خارج العاصمة، وبأسعار تنافسية في متناول الجميع. المبادرة لا تقتصر على كونها نشاطًا ترفيهيًا، بل هي ركيزة جديدة في تعزيز السياحة الثقافية وتحقيق العدالة الثقافية بين المركز والأطراف.

سينما في قلب الصعيدعندما تتحول الثقافة إلى وجهة سياحية

قصر ثقافة نجع حمادي، الذي يقع على بُعد أمتار من النيل، لم يكن مجرد مبنى تراثي ثقافي فحسب، بل صار الآن مركزًا لاستقطاب جمهور جديد من عشاق الفن السابع. المشروع يندرج ضمن خطة وطنية لإحياء الثقافة السينمائية في الأقاليم، وتنشيط الفضاءات الثقافية لاحتضان الأسر والشباب خلال العطلات، وخاصة في محافظات الصعيد ذات الإمكانات السياحية الغنية، لكن غير المستغلة بالقدر الكافي.

“إننا لا نفتتح سينما وحسب، بل نعيد ربط الناس بحسهم الثقافي، ونصنع نافذة للمعرفة والترفيه”، هكذا وصف عبد اللاه أبو المجد، مدير قصر ثقافة نجع حمادي، في حديث خاص لموقع” تورزم ديلي نيوز”، أهمية المشروع، مشروع وطني بسعر تذكرة شعبي من القاهرة إلى نجع حمادي.

انطلقت مبادرة “سينما الشعب” عام 2022 من قبل وزارة الثقافة المصرية، عبر الهيئة العامة لقصور الثقافة، لتقديم عروض أفلام حديثة ومختارة بأسعار تبدأ من 40 جنيهًا فقط، في صالات عرض تابعة للوزارة، مزودة بشاشات رقمية عالية الجودة وأنظمة صوت متقدمة. وتعد نجع حمادي من أحدث المحطات التي وصلت إليها المبادرة، ضمن خطة انتشار طموحة تشمل مختلف محافظات الجمهورية.

يوضح أبو المجد أن “العروض تبدأ في توقيتات مناسبة للعائلات والأطفال، مع توفير أفلام مصرية حديثة، وعروض للأطفال، وفقرات تثقيفية قصيرة قبل كل عرض”. ويضيف أن التذاكر متاحة إلكترونيًا ومحليًا، مما ييسر الوصول إلى الفعالية من قبل مختلف الشرائح.

تأثيرات سياحية وتنموية ماذا يعني وجود سينما في مؤسسة ثقافية؟

الخبراء المحليون يرون أن وجود “سينما الشعب” داخل مؤسسة ثقافية حيوية مثل قصر الثقافة يسهم في تحفيز الحركة السياحية الداخلية، لا سيما من القرى المجاورة والمدن المحيطة.
خلق فرص عمل غير مباشرة كالباعة، والمقاهي، والتنقل.
تشجيع الأنشطة المجتمعية المرتبطة بالفنون كالنقد السينمائي والعروض الطلابية.
إحياء دور الثقافة في حياة المواطن الصعيدي، وربطها بالترفيه المعاصر.

وفي هذا السياق، يشير أبو المجد الي أن “العرض السينمائي في قصر الثقافة تجربة مميزة، لأنها تتيح مشاهدة الفيلم وسط أجواء ثقافية محترمة، وبتكلفة لا تقارن بالسينمات التجارية”.

الطريق إلى الاستدامةمن عرض الأفلام إلى صناعة جمهور.

يعترف عبد اللاه أبو المجد أن التحدي الأكبر هو “صناعة جمهور منتظم”، مؤكدًا أن القصر يعمل على إطلاق حملات توعية في المدارس، ودعوة الجمعيات الأهلية، وتنظيم فعاليات على هامش العروض السينمائية لتعزيز مفهوم “الثقافة المستمرة”.

ومن المتوقع، بحسبه، أن تستضيف السينما فعاليات المهرجانات الإقليمية للأفلام القصيرة، وعروضًا تجريبية لأفلام من إنتاج شباب المنطقة، مما قد يجعل من قصر ثقافة نجع حمادي منصة سينمائية مستقلة في المستقبل.

سينما الشعب، وجه جديد للسياحة الثقافية في الجنوب

يعكس افتتاح “سينما الشعب” في نجع حمادي نموذجًا واعدًا لدمج الثقافة في البنية التحتية السياحية، وتحويل قاعات العرض إلى محركات ناعمة للتنمية الاجتماعية. وبينما يتزايد الاهتمام بالأنماط البديلة للسياحة، مثل السياحة الثقافية، فإن مثل هذه المشاريع تفتح الباب أمام تحولات استراتيجية في النظرة إلى الثقافة كعامل جذب لا يقل أهمية عن المعابد والنُزل والنيل.

و يبقى الرهان على استمرارية العروض وتنوعها، والقدرة على تحويل القصر إلى مركز ثقافي – ترفيهي – سياحي متكامل، يجذب السكان والزوار على حد سواء.

إقرأ أيضاً :

وصول 6779 حاجًا من حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة